الإبداع ليس تصادماً


ظل أبيض
الإبداع ليس تصادماً
حنان الهزاع

عند الحديث عن الإبداع فإننا نتحدث عن قدر من حرية التفكير، دوافعه وطرائقه ومن ثم حرية التعبير عنه. وكثيراً ما يواجه المبدع عدداً من القيود التي تحول أن يكون تعبيره صادقاً بقدر كافٍ، وإن كان أبرز ما يمكن ملاحظته من عوائق هي حالة المجاراة العقلية التي تشكل ضغطاً على ذهن المبدع، وهي تعني الاتجاه الفكري نحو تبني الآراء والأحكام الشائعة، ومجاراة الأفكار التي يعتنقها المجتمع؛ لذا يتعرقل تشكيل الاتجاهات الإبداعية في كثير من الأحيان لتبقى الاتجاهات التقليدية هي السائدة؛ فالإبداع هو الخروج عن المألوف مع ارتفاع الثقة بالنفس وعمق الإيمان بالأفكار الخاصة. وهذا ما ترفضه المجاراة؛ لأنها لا تقر باستقلالية المبدع في التفكير والحكم. وإن كان قد شاع لدينا هذا المصطلح بما يعرف بـ»العرف» إلا أنه لم يكن قصراً على مجتمعنا فقط؛ بل إن كثيراً من المجتمعات الأخرى أيضاً تعاني الشيء ذاته، هذا التغريد خارج السرب لا يقتضي تأكيد الاختلاف من أجل الاختلاف فقط؛ لأن ذلك يُفقد الشخص لمسة التفكير الأصيلة؛ ويخلق موقفاً من الاغتراب قد يوقف التفكير الإبداعي الذي يقوم أساسه من خلال التفاعل مع أفكار الآخرين. إن الشجاعة الأدبية سمة أكيدة لدى المبدع، وهي تبنى في أساسها على الصدق والتجلي مهما كان الدافع لتقديم الكيان الإبداعي، ولا أفرق هنا بين الإبداع العلمي والفني؛ فكلاهما يستند إلى الدافع ذاته كالقلق والتوتر تجاه مشكلة ما والسعي لحلها أو التنفيس عنها؛ لذا فإن علامات النبوغ تبدأ في الظهور منذ الطفولة في حب الاستطلاع وكثرة التساؤل، والتوتر والحركة؛ لذا يجب التنبه إلى ضرورة إعطاء مساحة من الاستقلالية الفكرية وتعزيز الثقة في النفس، والقبول لوجهات النظر حتى لا ينشأ لدينا جيل يعشق التصادم لأجل التصادم فقط.
http://www.al-jazirah.com/20110728/cu23d.htm

0 التعليقات: