ذريعة الموروث



ظل أبيض
ذريعة الموروث
حنان الهزاع


أتأمل في أحيان كثيرة تلك النزعة الاندفاعية لدى البعض للتمسك بالموروث للحد الذي يجعلهم لا يؤمنون بما سواه من حداثة ومعاصرة ليس في مجال الفنون والآداب فحسب بل في كل مجالات الحياة، كثيراً ما يشغلني تضخم هذه الحالة الدفاعية عن النفس والخوف المتنامي لديهم من ضياع الهوية وسطوة الآخر الغريب لانتزاع القيم الأثيرة لدى مجتمع يوصف بأنه محافظ؛ حتى أصبح تعامل أفراده مع أوجه الفنون المعاصرة المختلفة نوعاً من التحدي والمغامرة، يوصم صاحبه بنظرهم بأنه حائد عن جادة الصواب! هنا يأتي السؤال: ما المانع أن يبقى القديم ويتعايش معه الجديد على حد سواء؟ إننا حين نحارب الفكر الجديد بسبب الاعتقاد بأنه سيسلخ ذواتنا من أصولها فكأننا هنا نعكس فقدان الثقة في أنفسنا خوفاً من أي تغيير أو حتى تطوير؛ هذه الحالة الجامدة تعيق السماح بتمازج وتجانس القديم مع الجديد؛ وفي حين أن التطبيق العملي لهذا الكلام يصعب تنفيذه ما لم يتم إيجاد عملية نقدية مهيأة تقوم بموازنة لذلك التحول؛ إذن السبب يعود بنا كمجتمع عربي لا يمارس النقد الصحيح للموروث الذي يفند ويجلو الصورة بشكل كامل، والنقد حين يقوم بدوره فهو لا يتعارض مع التمسك بالماضي لأنه يؤدي إلى إعادة قراءته وهي الوظيفة الحقيقة له وهو أيضاً بالمقابل يقوم باستشراف المستقبل، ليكون هناك مرونة في الواقع الحاضر المعاصر، اللاشعور الجمعي للمجتمع يحرك الأفراد نحو ممارسة الرفض والتصدي؛ وله من القداسة ما يمنع من انتقاده لذا تبقى هذه الحالة المعقدة سبباً كبيراً في التخلف الاجتماعي رغم انتعاش الاقتصاد والتحول إلى مجتمع متمدن بشكل كامل سوى من قضية الفكر التي بدأت الاجتهادات الشخصية ومحاولة الموازنة فيها تصبح محل تصادم هي الأخرى مابين متجاهل للموروث وآخر لا يرى سواه.

http://www.al-jazirah.com.sa/culture/2011/20102011/tachkel36.htm

قل لي كيف تقضي يومك؟



ظل أبيض
قل لي كيف تقضي يومك؟
حنان الهزاع

أقل لك ماذا ستبدع وكيف سيكون مستواك الفني؟.. فهذه المعادلة باختصار هي ما يمكن أن نفرق بها بين فنان عادي وآخر محترف شغوف؛ فالفنان الحقيقي يشغل حواسه جميعها في مصافحة الجمال شكلاً بصرياً أو نصاً مقروءاً أو أطروحة مكتوبة. وتذوق رحيق النفس البشرية بين قصيدة ومسرح ونص روائي ولوحة تشكيلية ومنحوتة حجرية ومعزوفة موسيقية وقطعة أثرية أو فلكلور شعبي، كثيراً ما أقول لطالباتي خلال المحاضرات إن تعلُّم الفنون التشكيلية أهم من تعليمها، فالجهد والخبرة الذاتية من خلال عمليات البحث الفكري والممارسة التطبيقية هما أهم بكثير من الوقوف على الأبواب الأكاديمية والاكتفاء بما يقدم عبر ملازم أو محاضرات، حتى وإن كان دافنشي بذاته يقدم مادته العلمية ونقوم بتطبيقها فإن الجانب الذهني الإبداعي لا ينمو بدون سعة الاطلاع للقديم، الحديث والمعاصر على حد سواء في غرب العالم وشرقه دون تحيز أو عنصرية، كم سيكون جميلاً أن نضع في أجندتنا السنوية وفي وقت مبكر قبل بداية العام الجديد شيئاً عن زيارة معرض أو متحف إن لم يكن واقعياً فليكن افتراضياً عبر الإنترنت، والأجمل لو حرصنا على زيارة المعرض في مكان إقامته فإن لم يكن في قارات أخرى كأوروبا وأمريكا فلا بأس أن يكون من حدود دول الخليج العربي كالإمارات وقطر اللتين تقدمان وبشكل دوري فعاليات متميزة يعرض من خلالها فنانون وصالات عرض مشاركة من كل أنحاء العالم تقريباً، أقول مثل هذ الكلام لأن البعض منهن تكون ذات موهبة جميلة تحملها كطموح بعد مراحل التعليم العام وتصقلها بتخصص أكاديمي جامعي ثم ماذا بعد؟ كثير من مشاهير الفن لم يكونوا - لولا الله - ثم ما تعلموه بأنفسهم وما غاصوا فيه بإخلاص وإيمان بأفكارهم.. لذا فإنه كيفما تكون قراءاتك واطلاعك يكون ميلاد إبداعاتك البصرية.

http://www.al-jazirah.com.sa/culture/2011/06102011/tachkel30.htm