فسحة تفرغ.. فسحة أمل

ظل أبيض
فسحة تفرغ.. فسحة أمل
حنان الهزاع

أثناء تصفحي لأرشيف جهاز الحاسب الآلي الخاص بي وجدت عدداً من المشاريع الفنية غير مكتملة، بعضها لمسابقات تصميم شعارات من تلك التي تم الإعلان عنها على مستوى المملكة في العام الماضي، كنت قد بدأت في إنجازها بحماس ولكن لم تجرِ الرياح بما تشتهي سفني؛ لقد كانت مشكلة توفر وقت فراغ كافٍ لإتمامها هي العائق الذي جعلني أنسى حتى وجودها كفكرة، ولم تكن وحدها المشاريع الفنية المتعثرة أمامي؛ بل هناك لوحات ورسوم أولية تناديني لاستكمالها، إنها أزمة زمنية في عدم التفرغ للإنتاج الفني، في ظل كون الفن لا يعد مهنة أساسية لعدم الاعتراف بها اجتماعيا، تبقى فسحة الأمل للممارسة التشكيلية متقلصة إلى أدنى حد؛ مقارنة بمن يعيش في مجتمع يؤمن بالفن في كل شيء، تتجاوز حدود اللوحة والمنحوتة لديهم إلى ما يعبر تحت أنظارنا كل يوم من خلال البريد الإلكتروني من فنون غريبة كالنحت على الكتب القديمة أو الثلج أو الفواكه وغيرها، أو الرسم بالقهوة والشريط اللاصق ورسائل البريد، أو الإبداع في تشكيل الظلال بالنفايات أو الرسم على الريش وحبات الأرز، كل هذا يقود تصورنا إلى العبارة الشهيرة “الفنون جنون” وهو ما لم نره ولن نراه في القريب العاجل محلياً إلا نادراً وعلى استحياء.

إن هذه المرونة في التعبير الفني لدى تلك المجتمعات باستخدام كل الطرق والوسائط المتاحة؛ تعكس خصوبة البيئة المحتوية للمبدع وهي بيئة تمتاز بذائقة جمالية اجتماعية منفتحة تشجع بشكل رئيسي على أي أداء ابتكاري ذي بعد جمالي بصري، قادرة على الاعتراف به وإعطائه التقدير الكافي، بينما ما نزال هنا نجاهد في الإبقاء على حصص التربية الفنية ونحاول أن نتحرى الفرص للقيام بتنفيذ مشروع فني مكتمل يخرج لحيز النور بسلام.

http://www.al-jazirah.com.sa/culture/2012/23022012/tachkel34.htm

الجنادرية 27

ظل أبيض
الجنادرية 27
حنان الهزاع

كل جنادرية ونحن ووطننا الغالي بألف خير، وعمر المهرجان الوطني للتراث والثقافة يقترب من إتمامه عمر جيل بحسب السنين؛ فبعد عامين بإذن الله تعالى ستكون دورته الثلاثين، وبالرغم مما يثار من ضجة حول بعض الفعاليات ومدى مشروعية تقديمها من عدمه، إلى جانب بعض الآمال المعلقة بنقل هذا الحدث إلى العالمية كما هو الحال في بعض الدول الأخرى التي سنّت لنفسها عدداً من المهرجانات السنوية التي بدورها تظهر في صورة أفضل عاماً تلو الآخر، تأتي الفعاليات النسائية للجنادرية (27) بالرغم من كل هذا متميزة بتنوعها ثقافياً وتراثياً لتعكس حجم الجهد المبذول في التخطيط والتنفيذ الذي تقف خلفه مجموعة مخلصة من عضوات اللجنة النسائية، فعلى الموقع الإلكتروني للمهرجان تم تقديم تعريف مسبق مفصل زمانياً ومكانياً عن كافة ما سيتم تقديمه لهذا العام من أنشطة نسائية تقوم على مناطق المملكة الغنية بموروثها البصري من حرف نسائية بلمسات إبداعية أصيلة، خلال أركان وورش عمل تخدم كافة الفئات العمرية من الزائرات، كما تم مزج الماضي بالحاضر من خلال عروض الأزياء التراثية في تصاميم معاصرة، إلى جانب تفعيل دور المسرح والمنتدى الأدبي، كذلك تنشيط الثقافة البصرية من خلال التصوير الضوئي وعروض الفلكلور الأدائية المتنوعة، هذه الصورة المشجعة لما تقدمه بنات الوطن في محفله هذا من جهود وقدرات متميزة في انتقاء وتفعيل المهم فالأهم مع تجاوز الروتين الذي أخذ حقه في الدورات السابقة، نشكر الأخوات القائمات عليها تحت رئاسة د.موضي البقمي، وأتمنى أن أرى الجنادرية يوماً ما وقد أصبحت حدثاً دولياً يستقطب السياح والمهتمين بثقافات الشعوب من كافة أنحاء العالم، وأن تتجاوز مرحلتها الحالية نحو تفعيل الهوية المحلية من خلال التراث بشكل أكثر عمقاً من خلال فعاليات معاصرة.

http://www.al-jazirah.com.sa/culture/2012/16022012/tachkel39.htm

بين جيلين

ظل أبيض
بين جيلين
د. حنان الهزاع

إن عمر الثقافة الإبداعية التي عادة ما يثار حولها الجدل قصير في مجتمعنا، الذي كانت ملامح ثقافته دينية واجتماعية تقوم على العادات والتقاليد في أغلبها، التي بدورها لم تتقبل ولادة تلك الحالة الإبداعية عند أي أحد؛ فطبيعة المنتج الأدبي أو الفني بشتى أشكاله لم يتسنَّ له الحضور الرسمي إلا من خلال الأجيال الثلاثة الأخيرة، الجيل الأقدم والجيل الأحدث وبينهما جيل يتوسطهما. حدثت الكثير من الجدلية الفكرية المؤثرة لدى الجيل الأسبق؛ لأنهم قادوا مرحلة التغيير الأساسية؛ لذلك كانت وما زالت الأعين تتوجه صوبهم، وهم لديهم القدرة على التنظير والنقد والجدل؛ لذا الكثير منهم حالياً يملك حكمة من واقع تجربة. أما الجيل الأحدث، الذي قد لا يملك بعضاً مما يملكه الجيل الأقدم من قواعد علمية ونظريات فكرية، فإنه سلم الحديث عنه لأعماله ومنجزاته؛ فهي تتحدث نيابة عنه. وعلى سبيل المثال مجموعة الشباب والفتيات الذين يقفون خلف صناعة الإعلام الجديد مثل البرامج الاجتماعية “لا يكثر”، “إيش اللي”، “على الطاير”، “مسامير” وغيرها، لم نكن نعرفهم، ولم نسمع عنهم، لكن ما قدموه كان كافياً لكي لا ننساهم أبداً. يمتلكون مواهب أدبية في صناعة نصوص مؤثرة ومواهب فنية لابتكار قوالب صوتية ومرئية جيدة، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يوجد لدينا توجهات أكاديمية لتدريس تلك الفروع من الفنون. لقد صنعوا ثقافة جديدة وجدت حيزها في المجتمع المحلي، وعلاقتهم ببعضهم رغم المنافسة جميلة وراقية، يضرب بها المثل، التي قد نشهد ضدها في بعض من الجيل الأسبق. أما الجيل الأوسط بينهما فهو تارة يقترب من هؤلاء وأحياناً من هؤلاء، إنه جيل ولد بين ثورة جيلين. في مد وجزر بين قيم وعادات اجتماعية ورغبات في الانعتاق منها، فأين أنت من هذه الأجيال الثلاثة؟ر

http://www.al-jazirah.com.sa/culture/2012/09022012/tachkel35.htm