عوداً على بدء




ظل أبيض
«عوداً على بدء»
حنان الهزاع

 
بعد الاجتماع الأخير للجمعية السعودية للفنون التشكيلية الذي أسفر عن حل مجلس الإدارة؛ وأنا يجول في خاطري الكثير إلا أني أجّلت ذلك إلى حين اقتراب إعادة الانتخاب مرة أخرى. الجمعية التي لم يمض على تأسيسها سوى ثلاثة أعوام، كانت آمال التشكيليين فيها أكبر من أن يتذكروا بأنها في بدايتها، ونسي البعض أنّ مرحلة التأسيس هي الأصعب، ومن يعمل في المؤسسات الثقافية يدرك الكثير من الأبعاد المرتبطة بالشؤون الإدارية والتنفيذية على حد سواء. ولقد بذل المجلس السابق جهوداً لا يمكن إنكارها وكانوا محل ثقة، إلاّ أنّ الرياح جرت بما لم تشتهيه سفنهم. ولعل أبرز الأمور التي يجب أن توضع في عين الاعتبار بالمرحلة القادمة هي ربط التشكيليين في كافة المناطق بشكل دوري بكل مستجدات وأخبار الجمعية، وسيكون تشكيل اللجان الفرعية حلاً جيداً لذلك، كما أنّ تحديد مستويات العمر الفني للأعضاء المنتسبين يساعد في تحديد الأنسب لتقديمه من فعاليات وأنشطه موجهة بحسب احتياج كل مجموعة منهم. فالأجيال القديرة على سبيل المثال قد لا تناسبها الدورات التدريبية، في حين سيكون من دواعي سرور الأجيال الجديدة الانضمام إليها.

من جانب آخر ما هو دور الأعضاء؟ هل قاموا على أقل اعتبار بتزويد الجمعية بعناوينهم الصحيحة حتى لا يعتذروا بعدم وصول الأخبار والإعلانات، وأين هي مساهمتهم في المعرض العام الأول ! وأين هم من حضور الاجتماعات التي وبسبب عدم حضورهم تم تأجيلها مرات عديدة. ذلك أنّ تشكيل المجلس الجديد لن يكون المصباح السحري لتحقيق الأماني التشكيلية ما لم يتم التفاعل الإيجابي من قبل الجميع، فالعضوية ليست اسماً يوضع في بطاقة لتدرج كأحد نقاط السيرة الذاتية فقط، بل هي مسؤولية وحمل لرسالة الفنون التشكيلية في هذا الوطن.

http://www.al-jazirah.com/20100928/cu3d.htm

على ذمة اللون


ظل أبيض
على ذمة اللون
حنان الهزاع


قد تجمعك الصُّدف أثناء زيارتك لأحد المعارض بشخص يصف الفنان صاحب اللوحة بأنّ لديه عقدة نفسية أو حتى ميول انتحارية لا قدّر الله، فتسأله متعجباً عن طبيعة تخصصه المهني فيجيب بأنه لا يمت لعلم النفس بأيّ صلة؛ إلاّ أنّ اللون الأحمر أو الأسود الذي استخدمه الفنان هو من يقول بذلك، ثم تعود لسؤاله من جديد عن مصدر المعلومة، فتكون الإجابة المحبطة لك «جاءني عبر الإيميل»، ومن منطلق حبه لهذا النوع من المعلومات، يذكر بأنه قرأ الكثير حول هذا الموضوع «في جوجل».

كما أنه لا يمكن إغفال أهمية سيكولوجية اللون التي يراعيها الكثيرون في اختيار طلاء الحائط وقطع الأثاث أو حتى الملابس وغيرها، والتي تُعني في المقام الأول بمدى انسجام اللون مع البيئة المكانية وتأثيره على الإنسان، والتي قد يلتبس الأمر معها لدى الناس بالتحليل النفسي للفنان من خلال لوحاته والتي هي مهمة الأخصائي النفسي، فمثلاً سيجموند فرويد حين قدّم سلسلة تحليلاته لأعمال سلفادور دالي؛ تناول الأشكال البصرية الواضحة في اللوحة كالساعات الذائبة والجراد مثلاً كرموز يحللها من خلال عشرات اللوحات لكي يصدر حكمه عليه، ولم يلجأ لتنظير الباليته اللونية التي استخدمها دالي؛ في حين أنّ بوح المتلقي بهذا الحكم يعكس جزءاً مما يشعر به هو تجاه اللون وليس الفنان! هذا النوع من الثقافة «الجوجلية» المفتوحة دون توثيق للمصادر، ليست على مستوى الفن التشكيلي فحسب بل في الكثير من جوانب الحياة؛ تؤثر فينا كثيراً وتجعلنا نشعر بمسؤولية لمواجهتها؛ من خلال صناعة المتلقي الواعي، التي وبلا شك تبدأ مع تعليم الطفل منذ المراحل الأولى، والتشجيع على القراءة والاطلاع عبر المراجع الموثقة، إلى جانب تزويده بالطريقة الصحيحة للحصول على المعلومة عبر الإنترنت.

http://www.al-jazirah.com/20100921/cu4d.htm

إضاءة على دواخلنا

ظل أبيض
إضاءة على دواخلنا
حنان الهزاع
 
من أسوا الأمور أن يقع الإنسان في دوامة عدم الفهم لذاته؛ فيجهل دوافعه للحياة وتضيع أهدافه، وقد يختلط إحساسه بالنقص مع رغبته في الشهرة فتتشكل لديه النرجسية غير المقبولة، كما أنه من الأهمية بمكان لأي فنان تشكيلي على وجه الخصوص أن يدرك هذه الحقيقة، ذلك لأنه الشخص الذي يعتمد تماماً على علاقته مع عالمه الداخلي وعلى مخزونه من اللاشعور كذلك تراكمات خبرته البصرية لأجل صياغة إبداعاته، وبمقدار الصدق والصفاء في فهم الفنان لنفسه يكون التجلي البهي الذي يعطي العمل التشكيلي قيمته. وبجولة سريعة في تاريخ الجماعات الفنية ندرك تلك الحقيقة وبالتعمق أكثر في أحد اتجاهات الفن الحديث نلاحظ كيف أن جماعة دون أخرى تبنى أفرادها فكراً استوعبوه تماماً ودافعوا عنه وانضم إليهم عدد من الكتاب والأدباء منافحين عنهم، نظراً لوضوح هدفهم وسعيهم الدؤوب لتجسيد فلسفتهم على أرض الواقع، فخلد التاريخ ذكرهم وأصبحت أعمالهم التشكيلية من أهم نقاط التحول والعلامات الفارقة في تاريخ الفن.

أما الآن وفي زمن المعاصرة حيث تلاشت أغلب القيود الأكاديمية وزالت الحدود الفاصلة في تصنيف الفنون؛ تبقى الفكرة وحدها سيدة الموقف وهي التي تجعل للفنان مكانته وتصل به إلى العالمية، فصاحب العمل الفني يكون أو لا يكون بناء على المضمون الفكري الذي يحمله عمله، والذي بناه على أسس مستمدة من الحقيقة الصافية في داخله بعيداً عن التقليد، في حين قد يعمل البعض تفكيره فيما ليس من شأنه أن يساهم في تطويره تشكيلياً أو زيادة ثقافته البصرية والفكرية، مضيعاً بذلك وقته ومبتعداً عن الطريق الصحيح نحو النجاح التشكيلي، ومسيئاً لذاته التي كان بالإمكان أن تبدو أجمل فيما لو أعطاها قدرها دون إفراط ولا تفريط.

http://www.al-jazirah.com/20100831/cu8d.htm