وَهْم الحرية المطْلَقة



ظل أبيض
حنان الهزاع


لا شك أن الحرية مطلب إنساني مُلِحّ في حياة كل المجتمعات، ويُعتبر الفن أهم الأنشطة الإنسانية التي لا بد أن يعطى فيها الفنان مساحة كافية من الحرية؛ فهي بمثابة الأكسجين الذي يتنفسه ليحقق هدفه الأسمى في العملية الإبداعية، وكما هو معروف لا حرية مطلقة في المجتمع المدني؛ فهل ينطبق بالضرورة ذلك أيضاً على التعبير الفني في ميادين الفنون المتعددة.

الحرية من حيث تقنيات التنفيذ والأسلوب الفني متاحة، لكن قد تبدو الإجابة مختلفة إذا ما كنا نتحدث عن مضمون العمل الفني وما يحمله من فكر، فإذا ما اعتبرنا الدين والعرف الاجتماعي مطرقة وسنداناً بينهما الفنان فإننا سوف ندرك أن الحرية التشكيلية في إطار مجتمعنا مختلفة عما سواها من مجتمعات. دعوتي هنا للتعقل ووزن الأمور بمنطقية أكثر للفنانة على وجه التحديد في تقديم أعمالها إذا ما أرادت أن تقدمها من خلال معرض شخصي محلي، أما إذا كانت تهدف إلى معرض خارجي معتقدة أن الطرح الجريء سيكون هو السبيل للتميز فهنا يختلف الحديث عن الحرية التي قد يمارسها فنان في التعبير الفني؛ ليكون إنتاجه خاصاً به وغير قابل للعرض. أعتقد أن الكثير لديهم من الأعمال ما يعتبرونه أسراراً شخصية؛ فلا تدخل ضمن إطار العرض الجماهيري. إن مجرد تحري الفنان أثناء تقديم عمله بألا يشبه أي عمل آخر في حد ذاته قيد، كما أنه بالقدر الذي تتيحه الاتجاهات المعاصرة من حرية الطرح فإن ذلك لا يعني أن تتحول ولادة العمل الفني إلى عشوائية مطلقة، حتى وإن كان هناك قدر من الفوضى الظاهرية إلا أنه لا بد أن يبنى العمل الفني على نسق فكري منظم تشكله تلك الحساسية العالية لدى الفنان وقدرته على إعادة تنظيم عناصر العمل الفني بابتكارية فريدة.
http://archive.al-jazirah.com.sa/2011jaz/apr/6/cu1.htm

0 التعليقات: