عتاب الأوراق

ظل أبيض
عتاب الأوراق
 حنان الهزاع

نأتي إلى هذه الدنيا توثق حضورنا إليها ورقة؛ وتوثق أخرى رحيلنا عنها، وما بين هذه وتلك ننتقل من مرحلة تعليمية، اجتماعية إلى أخرى بأوراق شتى. ومهما حاولنا الاعتماد على التقنيات الحديثة لتوفيركميات الأوراق إلا أنه يبقى للورق تلك الميزات التي تعجز عن تقديمها ما سواه من خيارات، ولقد لاحظت في عدد من الدورات التدريبية التي حضرتها عن مهارات وتقنيات التعليم استخدام السبورة الورقية على الرغم من حضور السبورة الذكية التي لم يلغ حضورها حضور سابقتها، حيث يبقى لوقع القلم سواء كان رصاصا أو حبرا على سطح الورقة إحساسه الخاص الذي لا يسده غيره.
لذلك أجدني في المجال التشكيلي أصر على ضرورة وجود الورقة والقلم كرفيقي درب يصحبان الفنان في حله وترحاله، لما لهما من خصوصية في إحداث الأثر الحسي والمعنوي لتسجيل الاسكتشات السريعة أو حتى الدراسة الدقيقة لما تلتقطه عين الفنان ويترجمه إلى خطوط ومساحات، هذه النقطة كانت محل نقاش في عدد من اللقاءات الثقافية عن الفنون الرقمية، التي بدأت تأخذ حيزاً مهماً ضمن تصنيف مجالات الفن التشكيلي، إلا أن ما يثير الجدل أحياناً السؤال من الأهم الرقمي أم التقليدي؟ وهو سؤال ليس في محله فأهمية التصوير الضوئي لم تلغ وجود التصوير التشكيلي أو النحت على سبيل المثال. وقياساً على ذلك في إقامة المعارض والمسابقات، حيث لا تجوز المفاضلة بين اللوحات الزيتية والرقمية سوية فكلاهما ينتمي لمجالين مختلفين تماماً، وسيكون من الجور استعلاء أحدهما على الآخر سواء الرقمي بحجة أنه الأحدث المتماشي مع تطور التقنيات فيجُبّ ما قبله أو أن التقليدي هو الأصل وما سواه طارئ لا يعتبر به! وسيكون من العدل المفاضلة بين الأعمال ضمن مجالاتها كلاً على حدة.


http://www.al-jazirah.com/20101130/cu2d.htm

مبادرة وتجاوب

ظل أبيض
مبادرة وتجاوب
حنان الهزاع


دار نقاش جميل بيني وبين بعض الزميلات حول الفنانة التشكيلية المكسيسكة فريدا كاهلو Frida Kahlo 1907- 1954م ؛ التي عانت صحيا ونفسيا بسبب الظروف التي مرت بها، وكيف وقفت معها والدتها في محنتها بعد حادث السير الذي تعرضت له فوضعت لها مرآة كبيرة في سقف الغرفة لتتيح لها مجال رؤية أكبر وهي ممدة على ظهرها وممنوعة عن الحركة، فكان ذلك مصدر إلهام لها فأنتجت العديد من اللوحات رسمت فيها نفسها بأسلوب مميز اعتقد البعض بأنه سيريالي إلا أنها تقول «لم أرسم أبداً أحلاماً، بل أرسم واقعي الحقيقي فقط»، ثم قامت إحدى شركات الإنتاج فيما بعد بتقديم فيلم سينمائي يوثق قصة تلك الفنانة المبدعة. ومن يرغب في معرفة المزيد سيجده عبر الموقع الإلكتروني الخاص بها، المدعم بمقالات وجاليري خاص بصورها وصور لوحاتها.

كما أنني حين يأخذني شغف المعرفة وحب الاستطلاع، تأخذني بالمقابل حمية تشكيلية محلية، أسأل فيها نفسي لمَ لا يكون لدينا ما يخلد سيرة التشكيليين السعوديين الراحلين ليس في كتاب بسيط، أو موسوعة تعرج على أسماءهم بالذكر فقط، بل بأكبر من ذلك، فهل هو دور وزارة الثقافة والإعلام بوكالاتها وجمعياتها؟ أم لابد من مبادرة خلفاء أولئك المبدعين والانطلاق بتجربة أولى لتتبعها البقية. أما إذا كان العذر عدم وجود الدعم المادي فإن من لديه الخبرة يدرك أن تكلفة إنشاء موقع إلكتروني أقل بكثير من تكلفة طباعة كتاب، كما أنه وعبر الشبكة العنكبوتية يصلنا عن الآخر ما يصله عنا، فمن المحزن جدا ألا يكون لدينا محتوى نوصله. هناك جهود فردية عبر الشبكات الاجتماعية المتعددة لعرض الملفات والصور عنهم رحمهم الله، ولكنها تبقى مبعثرة تحتاج لمبادرة فعالة وتجاوب من الوزارة.

http://archive.al-jazirah.com.sa/2010jaz/nov/23/cu2.htm

Thinking Big

ظل أبيض
Thinking Big
حنان الهزاع

الجملة أعلاه هي عنوان لأحد مؤلفات الدكتور برايان تريسي؛ لم أرغب في استخدام الترجمة الحرفية للعربية لأنها ستفقده المعنى الحقيقي الذي يحمله. تبادرت إلى ذهني هذه العبارة أثناء زيارتي لنادي الفنون في عمادة السنة التحضيرية للطالبات بعليشه، حيث أدهشتني كثيرا تلك العقول النيرة المتطلعة التي يمثل العمل الفني لديها احتراف، فكرة ومعنى؛ وبعد انتهاء اللقاء كان انضمامي إلى مجموعة التصوير الضوئي في إحدى حلقات النقاش الأسبوعية وبوجود أ.فرح النعماني المشرفة على النادي، كانت كل طالبة تعلق بطاقة باسمها تناقش وتتقبل النقد بكل رحابة صدر كانت التجهيزات التقنية متوفرة لعرض الصور، كما أن عناصر لغة الحوار متكاملة والأهداف الجماعية واضحة ومتفق عليها، رغم صغر سنهن إلا أنهن أبهرنني باطلاعهن على كل ما هو جديد في عالم التصوير الضوئي والمسابقات العالمية، وكيف تحصل الطالبة على هذه الجرعة الثقافية المؤثرة في أقل من ساعة أسبوعياً. ومثل هذه الحلقات النقدية تساهم في صناعة الشخصية الفنية المرنة.

ثم كانت زيارتي الخميس الماضي لمباني جامعة الملك سعود وليس من رأى كمن سمع، حيث قام الدكتور عبدالعزيز العثمان عميد السنة التحضيرية بأخذنا في جولة تعريفية اطلعنا خلالها على الإستراتيجية التي تعتمد عليها الجامعة لتأسيس الطالب في أولى سنوات دراسته الجامعية، خاصة التركيز على الإبداع وتطوير الذات وهو الاستثمار الحقيقي في صناعة العقول المثمرة، ما شد انتباهي هناك في مبنى المعرفة هو الحرص على بيئة العمل والطريقة المدروسة فنيا وإنسانيا في اختيار الألوان وتغطية كافة الجدران بلوحات إيضاحية في قوالب بصرية تبعد عنها صفة الجمود، أن تشعر الطالب بأنه أكبر من مجرد تلميذ في قاعة الصف؛ ليفكر من منطلق أنه كذلك فتكون بهجة الإنجاز معه لا به فقط.
http://www.al-jazirah.com/20101102/cu3d.htm